انطلقت التحضيرات الميدانية واللوجستية والسياسية للذكرى الـ38 لتغييب الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، والتي تقام هذا العام في 31 آب الساعة الخامسة والنصف عصرا في ساحة القسم في مدينة صور.
فقد امتدت الرايات الخضراء وصور الامام الصدر ورئيس المجلس النيابي نبيه بري على طول الطريق المؤدي الى صور، وفي الساحات العامة والبلدات تحضيرا للذكرى، كما ان المشهد السياسي بإنتظار كلمة بري والمبادرة التي سيطلقها في الذكرى في ظل الجمود السياسي وشلل المؤسسات في البلد، كما ان جمهور الامام الصدر بإنتظار التفاصيل والمعلومات الجديدة في القضية.
وقد رفعت حركة امل شعارا للمهرجان هذا العام "وحدة شعب .. صمود وطن"، وبدأت بتشكيل وفود لتوجيه الدعوات الى المرجعيات السياسية والروحية والحزبية والاجتماعية والعسكرية، والى الاندية والاحزاب والجمعيات، لتكون ذكرى الامام الصدر مناسبة وطنية جامعة لكل اللبنانيين كما كانت مسيرة الامام الصدر.
لا علاقات مع ليبيا
يشير عضو هيئة الرئاسة في حركة امل الحاج خليل حمدان الى انه جرت العادة ان يجري مهرجان الامام الصدر واخويه في مدينة مختارة في كل عام من قبل قيادة الحركة، وبعد ان كانت الذكرى في مدينة النبطية في العام الماضي، تم اختيار مدينة صور هذا العام.
وفي حديث لـ"النشرة"، يوضح حمدان أنّ حركة "امل" تنطلق في الذكرى من ثاتبة اساسية ان الامام الصدر ورفيقيه احياء في ليبيا، والمطلب هو تحرير الامام الصدر ورفيقيه وعودتهم الى ساحة جهادهم، كاشفاً عن وجود تواصل مع القيادة الليبية "التي جاءت على انقاض سلطات المجرم البائد (الرئيس الليبي السابق) معمر القذافي"، لافتاً إلى أنّ "هذه القيادة تعاونت في البداية الى حد ما واصبح هنالك بعد ذلك تباطؤ بالتعاون بالملف، وهم يبررون ذلك بالاحداث التي حصلت".
ويلفت حمدان الى ان هناك العديد من الشخصيات الموجودة والتي كانت مرتبطة بمعمر القذافي حينها لا زالت على قيد الحياة، "لا سيما نجله سيف الاسلام الذي نعتقد انه يعرف الكثير عن هذه المسألة"، داعياً القيادة الليبية الحالية إلى ان تفعل المزيد، وهي بإستطاعتها فعل المزيد، مؤكدا انه لا تطوير للعلاقات مع ليبيا ولا فتح للسفارات طالما لم يكشف مصير الامام الصدر ورفيقيه، وهذا موضوع جازم وحاسم بالنسبة الى حركة امل والطائفة الشيعية واللجنة المكلفة بمتابعة قضية الامام والمشكّلة من كافة الطوائف.
الحوار الخيار الوحيد
وفي الشق السياسي من الذكرى، يؤكد حمدان ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يغيب عن خطابه في المناسبة مسألة الحوار وضرورة الوصول الى نتائج في موضوع قانون الانتخابات الذي يجنب البلد كوارث قانون الستين، كما أنّه سيضع الناس امام الوقائع التي تابعها يوميا وبالحاح في قضية الامام الصدر، وسيعلن ان موضوع الامام الصدر هو الشرط الوحيد لاعادة تطبيع العلاقات مع ليبيا.
ويلفت حمدان إلى أنّ بري لن يترك مجالا للمغامرين بلبنان للذهاب به الى المجهول وهو يعمل دائما لتوضيح الصورة المؤلمة التي يعيشها لبنان، وطرح بعض الامور التي تجنب لبنان الكوارث، ويشدد على ان الحوار لم يعد خيارا بل بات الخيار الوحيد في ظل اقفال المؤسسات.
ويوضح حمدان ان "قضية اخفاء الامام الصدر واخويه لها علاقة وطيدة بموقف الامام من القضية الفلسطينية وانحيازه الى هموم الناس والوحدة الداخلية في لبنان، ومعمر القذافي اراد ان يكون سجان الاحرار"، مشيرا في هذا السياق الى كتاب ذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تحت عنوان "كل خطوة هدف" في جزئه الثاني، والذي اشار فيه الى انه "تمت نصيحة رئيس الحكومة الفرنسية بعد اندلاع الثورة الاسلامية في ايران من قبل الرئيس العراقي السابق صدام حسين لارسال الامام الخميني الى ليبيا وذلك بعد شهر من اخفاء الامام الصدر واخويه وعدم استقباله في فرنسا، وما يعني ان ليبيا كانت سجن الاحرار للحكام العرب في ذلك الزمان".
يوم غير مسبوق
من جهته، يشير مسؤول اقيلم جبل عامل في حركة "امل" المهندس علي اسماعيل الى ان مدينة صور كانت حاضرة دائما في فكر الامام الصدر، لافتاً إلى أنّ الذكرى هذا العام في صور تكتسب اهمية اضافية عن باقي المناطق لانها تقام في الساحة التي اقسم فيها الامام الصدر من اجل المحرومين. ويوضح في هذا السياق ان هذه الساحة اعيد تأهيلها لاول مرة بعد القسم، ودائما تتميز ذكرى صور بأنها المهرجان الابرز لان اثر الامام الامام الصدر حاضر فيها بالتأسيس، كما انه حاضر فيها بالمؤسسات التي بناها من مهنية جبل عامل وغيرها من المؤسسات في المدينة، كما ان مدينة صور تتميز بالتنوع المذهبي والطائفي، وهناك ميزة اضافية في صور ان ابناء المدينة جميعا يعتبرون ان الامام هو رمزهم.
وحول التحضيرات الميدانية للمهرجان، يشدد اسماعيل على ان ورشة العمل التحضيرية انطلقت على جميع المستويات، لافتا في هذا السياق الى تفاعل اهل المدينة الكبير، وعملت المؤسسات التجارية والاندية والمدارس والمحال لابراز حضورها في هذه الذكرى عبر رفعها الصور واللافتات من وحي المناسبة، كما ان اقليم جبل عامل رفع شعار انه "لن تخلو اي زاوية من شعار او شيء للتذكير بموضوع الامام الصدر".
وعلى صعيد الجانب التنظيمي، يلفت الى ان هناك ورشاً بدأت لتجهيز الساحة والمنصة تحضيرا للمهرجان، كما بدأ العمل لتأمين المواقف للحشود الضخمة القادمة من المناطق، وتأمين وسائل الراحة لهم، لا سيما وان الذكرى تقام بعد الظهر، كما انطلقت دورات رياضية وانشطة تحضيرية للذكرى، ويخلص إلى القول أننا "سنشهد في صور يوماً غير مسبوق في يوم الذكرى في 31 آب".
يجتمع جمهور الامام الصدر العابر للطوائف والمذاهب مجددا في ذكراه في ساحة القسم في صور للمطالبة بالكشف عن مصيره ولتجديد الوفاء لهذا الامام الذي قدم الكثير للبنان، ورفع شعار رفع الحرمان والعدالة الاجتماعية، كما انه امام المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، وهو يمثل "ايقونة" وطنية، فهل تتكشف حقائق جديدة في هذه الذكرى؟ وهل من مبادرة سياسية تشكل مخرجا للازمة الراهنة؟